لا يقتل الذئب ولا يفنى الغنم
جائحة كورونا داهمت العالم على حين غرة، فلم يكن أحد على الإطلاق يتوقعها، حتى أكثر المتشائمين، لكنها أصبحت حقيقة، لا مفر من التعامل معها، بأقل قدر من الأضرار، شئنا أم أبينا. ولأن الفيروس جديد، ومعرفة العالم به جديدة، فإننا يجب أن نتوقع أن التعرّف على مكوناته سيستغرق وقتاً، ولذلك فإننا سنخطئ كثيراً لنصيب قليلاً، ولكننا من الخطأ والصواب سنصل حتماً إلى كنه هذا الفيروس، والطريقة المثلى للقضاء عليه، طال الزمان أو قصر. طبيعياً أن يحث العالم المختبرات ومراكز الاختراعات الطبية لإيجاد علاج أو لقاح لهذه الطامة، إلا أن الأبحاث - شئنا أم أبينا - ستأخذ زمنها لتؤدي الغرض النهائي منها، ومرحلة التجريب هي من أطول هذه المراحل زمناً، لكي يتم التأكد بصورة قطعية من أعراضه الجانبية، إذ قد يقضي هذا الدواء على الفيروس، وينتج عنه فيروس أشد فتكاً من الفيروس الذي نريد علاجه. وأمر كهذا يحتاج عاملين: العامل الأول أن يتم تجريبه على أكبر عدد من البشر. العامل الثاني أن يأخذ وقتاً كافياً بحيث يمكن لأي أعراض جانبية أن تظهر على السطح. وهذا ما يضطرنا للأسف إلى الصبر والتريث من أجل سلامة هذا الاختراع والاطمئنان على سلامة نتائجه، لذلك فإنني أرى أن من الحكمة التريث والتأكد من سلامة أي عقار جديد، مهما كانت الضغوط.
أعرف أن هذا الفيروس فيروس خطير وبالتالي سيكون له ضحايا اقتصادية وإنسانية بشكل قد يكون مفجعاً، لكن أي علاج أو فيروس لم ترصد عوارضه الجانبية جيداً، قد يؤدي إلى عواقب وخيمة، تتجاوز خطورتها وتأثيراتها كارثية الفيروس نفسها.
المهم أن نتعامل مع هذا الفيروس بمنطق الصبر والتريث قدر الإمكان، ونحن مضطرين أن نمنح التجارب الوقت الكافي، حتى نطمئن أنه أولاً آمن، وليس له أعراض جانبية من شأنها أن تكون أعراضاً عكسية. فنحن نتعامل مع عقارات كيميائية، لا يمكن أن نضمن سلامتها إلا فقط عبر التجريب.
صحيح أن الخسائر المادية نتيجة لتوقيف الحركة التجارية باهظة، وهذا الفيروس لا يبدو أن له علاجاً سريعاً, إلا أن الإنسانية جمعاء بين خيارين لا ثالث لهما، إما التعايش مع هذا الفيروس والقبول بازدياد أعداد الوفيات، أو التشدد بإغلاق البلد إغلاقاً شبه كامل، وتخفيض عدد الوفيات قدر الإمكان.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الوفيات في بلادنا ليست كبيرة، وما زلنا مقارنة بأعداد الدول الأخرى بالإمكان تحمّلها، إلى اللقاء
نقلا عن الجزيرة